ولـدت ريـتـا ســـــنـة 1370 فـي قـريـة " روكـابـوريـنـا" الـصـغـيـرة الـتـابـعـة لـمـديـنـة كـاشــــيـا والـواقـعـة فـي مـنـطـقـة جـمـيـلـة فـي أواســـــــط أيـطـالـيـا ، شـــمـالـي رومـا الـعـاصـمـة . وســــمـيـت الـطـفـلـة فـي الـعـمـاد " مـاركـريـتـا " وســـمـاهـا الأقـارب " ريـتـا " تـحـبـنـا . وكــانـت وحـيـدة لـوالـديـهـا الـلـذيـن بــذلا قـصـارى جـهـدهـمـا فـي تـوفـيـر تـربـيـة مـســيـحـيـة أصـيـلـة لـهـا . إلا أن الـمـحـيـط الـذي عــاشــــــــت فـيـه ريـتـا الـصـغـيـرة كـان مـشـــحونـاً بـالأحـقـاد والـخـصـومـات الـتـي تـؤدي غـالـبـاً إلـى الأنـتـقـام والـقـتـل.
ومـا أن بـلـغـت الـفـتـاة الـثـانـيـة عـشــر مـن ســــنـهـا ، حـتـى خـطـبـهـا شــــــاب اســمـهـه بـاولـو مـانـشـــــيـنـو ، وهـو مـن أبـنـاء الـقـريـة ويـعـمـل لـحـســـــاب أحـد الأقـطـاعـيـيـن . وكـان بـاولـو حـاد الـطـبـع شــــــرس الأخـلاق ، عـلـى أحـد الـنـقـيـض مـن ريـتـا الـوديــعـــة الـمـتـديـنـة . لـكـن الـزواج لـم يـتـم إلا ســـنـة 1387 ، لإنـهـمـاك بـاولـو في الـصراعـات الـدائـرة في الـمـنـطـقـة .
وتـوفـي والـد ريـتـا بـعـد مـدة قـصـيـرة مـن زواجـهـــا ، وتـبـعـتـه والـدتـهـا الـى الـلـحـد ، مـمـا ســـبـب حـزنـاً عـمـيـقـاً فـي نـفـس ريـتـا . وكــانـت ســـنـوات الـزواج الأولـى صـعـبـة لـريـتـا ، بـالـنـظـر إلـى طـبـع زوجـهــا ومـيـولـه إلـى الـعـنـف والـشـــراســـة . ولـكـنـهــا حـاولـت أن تـتـكـيـف مـع وضعـهـا الـجـديـد ، وأن تـفـهـم وتـتـحـمـل مـســـــــؤلـيـات حـالـتـهـا الـزوجـيـة . فـأخـذت تـرفـع الـصـلـوات الـحـارة عـلـى نـيـة زوجـهـا وتـتـفـانـى فـي خـدمـتـه واكـتـســـاب رضـاه وثـقـتـه ، وتـبـذل جـهـدهـا فـي اســتـئـصـال الـبـغـض مـن قـلـبـه وتـوجـيـه مـشـــاعـره نـحـو الـخـيـر والـســـلام .
وأنـجـزت ريـتـا ولـديـن تـؤمـيـن ، ســــمـي أحـدهـمــا جـان جـاكـومـو ، والآخـر بـاولـو مــاريــا . وعـكـفـت الأم الـشــابـة عـلـى تـربـيـة ولـديـهـا وتـوجـيـهـهـمـا إلـى الـخـيـر والـمـحـبـة مـنـذ صغـرهـمـا. وكان لـمـيـلادهـمـا تـأثـيـر إيـجـابـي فـي نـفـس الـوالـد الـذي هـدأ قـلـيـلاً في تـصـرفـاتـــه ، ولـم يــعــد يــحــمــل الـســــلاح .
إلا أن زوج ريـتـا اغـتـيـل فـي أحـد الـلـيـالي ، بـيـنـمـا كان عـائـداً مـن كـاشـيـا إلى قـريـتـه . وقـبـل وفاتـه ،سـمـعـوهُ يـتـلـفـظ بـكـلـمـات الـغـفــران لـقـاتـلـيـه ، وانـكـبـت ريـتـا الـمـنـكـوبـة عـلـى جـثـمـانـه وقــالـت : " أغـفـر لـه يـا رب ، خـلـص نـفـســــه ، أغـفـر لـه كـمـا أغـفـر لـقـاتـلـيـه " . وكـان ذلـك ســــنـة 1404 ، وكـان عـمـر ريـتـا اذ ذاك 34 عـامـاً . وعـكـفـت عـلـى الإهـتـمــــام بـولـديـهـا ، وكـانـــت عـلـى عـلـم بـمـــا يـدور فـي خـاطـرهـمـا مـن عـواطـف الـثـأر لـوالـدهـمـا . فـأخـذت تـصـلـي وتـطـلـب مـن الـلـه أن يـمـنـع وقـــوع هــذه الـجـريـمـة . وحـاولـت تـهـدئـة الـولـديـن وحـمـلـهـمـا عـلـى الـغـفـــران لـقـاتـلـي والـدهـمـا . وإذ لــم تـجـد مـحـاولاتـهـا نـفـعـاً ، عـمـدت إلـى اســـلـوب بـطـولـي : الـتـمـســـــت مـن الـلـه أن يـأخـذهـمـــا قــبــل أن يـرتـكـبـا الـجـريـمـة الـتـي يـنـويـان اقـتـرافـهـا . واســتـجـاب الـلـه إلـى تـضـرع هـذه الـوالـدة الـقـديـســة ، فــتــوفــــي الــولـــدان ، الــــواحـــــد تــلــو الآخــــر ، خــــــلال ســـنـة 1405 !
وجـِدَت ريـتـا نـفـســــهـا أمـام فـراغ هـائـل . ولـكـنـهـا لـم تـيـأس . بـل ، امـتـثـالاً لـلـمـشـــورة الأنـجـيـلـيـة ، بـاعـت كـل مـا كـانـت تـمـلـكـه ووزعـت كـل شــــــيء عـلى الـفـقـراء والـمـحـتـاجـيـن وعـلـى الـمـشــــاريـع الـخـيـريـة ، وقـررت الـدخـول إلـى ديـر مـريـم الـمجـدلـيـة لـلـراهـبـات الأوغـسـطـيـنـيـات فـي مـنـطـقـة كـاشـيـا . إلا أن راهـبـات الـديـر رفـضـنـهـا . واعـادت ريـتـا الـكـرة مـرات عـديـدة ، ولـكـنـهـا لـم تـتـلـق ســـــوى الـرفـض الـقـاطـع ، لـكـونـهـا أرمـلـة وزوجـة قـتـيـل ! لـكـن الـلـه الـقـديـر دبـر لـهـا أمـر دخـولـهـا إلـى الـديـــر بـصـورة خـارقـــة ، إذ نـقـلـهـا إلـى الــديـــــر لـيـلاً ، ووجـدتـهـــا الـراهــبــــات صـبـاحـــاً فـي قـاعـة الـديـر بـطـريـقــــة مـدهـشـــة . فـلـم يـســـع الـراهـبـات إلا الـرضـوح لإرادة الـلـه ، وقـبـلـن ريـتـا فـي الـديـر ســـنـة 1406 .
لـقـد تـحـقـقـت امـنـيـة ريـتـا ، فـمـــا أســــعـدهـا ! وبـعـد ســـنـة الأبـتـداء ، أبـرزت نـذورهـا الـرهـبـانـيـة . وعـلـيـهـا مـن الآن ، أكـثـر مـن ذي قـبـل ، أن تـنـشــــر الـمـحـبـة حـولـهـا ، وأن تـكـون رســـولـة لـلـســـلام . والـكـرمـة الـمـوجـودة حـتـى الآن في فـنـاء الـديـر تـشـهـد لـطـاعـة ريـتـا الـتـي ، نـزولاً عـنـد أمـر رئـيـســتـهـا ، زرعـت غـصـن كـرمـة يـابـســـاً وســــــقـتـه طـوال ســـــنـة كـامـلـة ، وإذا بـالـغـصـن الـيـابـس يـلـيـن ، وتـنـبـت فـي أطـرافـــــه بـراعـم خـضـراء ، ويـصـبـح كـرمـــة بـاســــقـة الأغـصـان مـا تـزال حـتـى الـيـوم تـعـطـي الـديـر ظـلـهـا وعـنـاقـيـدهـا الـلـذيـذة .
وفـي جـمـعـة الآلام ســنـة 1432 ، تـأثـرت ريـتـا كـثـيـراً بـكـلـمـات الـراهـب الـخـطـيـب الـذي تـحـدث عــــن آلآم الـمـســـيـح . وفـي طـريـق الـعـودة مـن الـكـنـيـســـة الـخـورنـيـة ، أخـذت تـراجـــع حـيـاتـهـا فـي جـمـيـــع مـراحـلـهـا . وعـنـد وصـولـهـا الــديـــــر ، دخـلـت صومـعــتــهــــا وعـكـفـت عـلـى صـلاة مـضـطـرمـــة أمـام الـصـلـيـب ، وتـأمـل عـمـيـق وإنـخِـطـاف روحـي . وإذا بـهـا تـشـــعـر بـأن اكـلـيـل الـشـــوك الـذي كـلـل بـه رأس يـســـوع قـد وضـع عـلـى رأســـهـا ، فــأهـتـز لـهـه جـســـمـهـا ، وشـــحـب لـونـهـا وتـدلـى رأســـهـا عـلـى صـدرهـــا فـي شـــبـه غـيـبـوبـة ألـيـمـة . وأصـيـب جـبـيـنـهــا بـجـروح نـتـيـجـة إنـغـراس شـــوكــــة مـن الأكـلـيـل فـيـه . واســـتـمـر هـذا الـجـرح يـنـزف مـدة خـمـســـة عـشـــرة ســـنـة ، وكـان علامـــــة عـلـى اشـــتـراك ريـتـا فـي آلام الـفــادي اشـــتـراكـاً مـســـتـمـراً ، ولـم يـخـتـف مـؤقـتـاً إلا خـلال زيـارتـهـا لـرومـا .
وكــــان هـذا الـجـرح يـســـبـب لـهـا آلامــاً شـــديـدة وحـرجـاً كـبـيـراً أمـام أخـواتـهـا الـراهـبـات . ثـم جـــاء مـرض آخـر ســـنـة 1443 ، وأرغـمـهـا عـلـى مـلازمـــة الـفـراش فـي صـومـعـتـهـا طـوال أربـع أعـوام .
وفـي شـــهـر كـانـون الـثــانـي ســـنـة 1447 ، تـذكـرت ريـتـا قـريـتـهـا ومـنـزلـهـا وحـديـقـتـهـا ، وتـمـنـت أن يـؤتـي لـهـا بـوردة مـن تـلـك الـحـديـقـة مـــن ثـمـرتـي تـيـن ، وطـلـبـت ذلـك مـن الـمـرأة الـتـي تـرافـقـهـا . ويـا لـدهـشــة هـذه الـمـرأة حـيـنـمـا لاحـظـت صـبـاح الـيـوم الـتـالـي ان امـنـيـة ريـتـا تـحـقـقـت فـعـلاً ، فـحـمـلـت إلـيـهـا الـوردة والـتـيـنـتـيـن .
وفـي فـجـر 22 ايـار 1447 ، لـفـظـت ريـتـا أنـفـاســـهـا الأخـيـرة وهـي فـي الســـابـعـة و الـســـبـعـيـن مـــن ســنـهـا . ويـقـال أن نـواقـيـس الـديـر شـــرعـت تـقـرع بـشـــدة تـلـقـائـيـاً عـنـد وفـاتـهـا . وتـجـاوبـت مـعـهـا نـواقـيـس كـنـائـس كـاشـــيـا كـلـهـا. وبـعـد مـوتـهــا كـثـرت الأعـاجـيـب الـتـي جـرت بـشـفـاعـتـهـا ، وشـــعَ جـبـيـنـهـا جـمـالاً ، وفـاضَـت مـنـهـا رائـحـة زكـيـة . ودُفِـنَ جُـثـمـانـهـا فـي ديـرهـا . وســـرعـان مـا أصـبـح مـحـجـة تـقـصـدهـا جـمـوع غـفـيـرة مـن الـنـاس . وحـيـنـمـا بـوشـــــر بـدعـوى تـطـويـبـهـا ، وفــتــح قـبـرهـــــا ، عـــايـن الـحـاضـرون أن جـثـمـانـهـا قـد بـقـى سـالـمـاً – وهـو مـايـزال هـكـذا حـتى الآن . ومـرت سـنـوات طـويـلـة عـلـى وفـاة ريـتـا ، وفـي ســـنـة 1628 ، أعـلـنـت ريـتـا طـوبـاويـة ، وفـي ســـنـة 1900 ، أعـلـنـهـا الـبـابـا لاون الـثـالـث عـشـــر قـديـســـة .
هـكـذا أعـطـت الـقـديـســـة ريـتـا مـثـالاً رائـعــاً لـكـل راهـبـة ، ولـكـل شــابـة وأمـرأة مـسـيـحـيـة بـسـخـائـهـا وإيـمـانـهـا وتـقـواهـا ... وهـي الـيـوم تـدعـوا الـجـمـيــع الـى الأقـتـداء بـهـا كـمـا اقـتـدت هـي بـالـمـســـيـح . فـعـســانـا نـتـعـلـم مـنـهـا أن درب الـقـداســـة ، يـمـر مـن خـلال الـحـقـائـق الـيـومـيـة ، ومـن خـلال خـدمـــة اخـوتـنـا الـبـشـــر
ومـا أن بـلـغـت الـفـتـاة الـثـانـيـة عـشــر مـن ســــنـهـا ، حـتـى خـطـبـهـا شــــــاب اســمـهـه بـاولـو مـانـشـــــيـنـو ، وهـو مـن أبـنـاء الـقـريـة ويـعـمـل لـحـســـــاب أحـد الأقـطـاعـيـيـن . وكـان بـاولـو حـاد الـطـبـع شــــــرس الأخـلاق ، عـلـى أحـد الـنـقـيـض مـن ريـتـا الـوديــعـــة الـمـتـديـنـة . لـكـن الـزواج لـم يـتـم إلا ســـنـة 1387 ، لإنـهـمـاك بـاولـو في الـصراعـات الـدائـرة في الـمـنـطـقـة .
وتـوفـي والـد ريـتـا بـعـد مـدة قـصـيـرة مـن زواجـهـــا ، وتـبـعـتـه والـدتـهـا الـى الـلـحـد ، مـمـا ســـبـب حـزنـاً عـمـيـقـاً فـي نـفـس ريـتـا . وكــانـت ســـنـوات الـزواج الأولـى صـعـبـة لـريـتـا ، بـالـنـظـر إلـى طـبـع زوجـهــا ومـيـولـه إلـى الـعـنـف والـشـــراســـة . ولـكـنـهــا حـاولـت أن تـتـكـيـف مـع وضعـهـا الـجـديـد ، وأن تـفـهـم وتـتـحـمـل مـســـــــؤلـيـات حـالـتـهـا الـزوجـيـة . فـأخـذت تـرفـع الـصـلـوات الـحـارة عـلـى نـيـة زوجـهـا وتـتـفـانـى فـي خـدمـتـه واكـتـســـاب رضـاه وثـقـتـه ، وتـبـذل جـهـدهـا فـي اســتـئـصـال الـبـغـض مـن قـلـبـه وتـوجـيـه مـشـــاعـره نـحـو الـخـيـر والـســـلام .
وأنـجـزت ريـتـا ولـديـن تـؤمـيـن ، ســــمـي أحـدهـمــا جـان جـاكـومـو ، والآخـر بـاولـو مــاريــا . وعـكـفـت الأم الـشــابـة عـلـى تـربـيـة ولـديـهـا وتـوجـيـهـهـمـا إلـى الـخـيـر والـمـحـبـة مـنـذ صغـرهـمـا. وكان لـمـيـلادهـمـا تـأثـيـر إيـجـابـي فـي نـفـس الـوالـد الـذي هـدأ قـلـيـلاً في تـصـرفـاتـــه ، ولـم يــعــد يــحــمــل الـســــلاح .
إلا أن زوج ريـتـا اغـتـيـل فـي أحـد الـلـيـالي ، بـيـنـمـا كان عـائـداً مـن كـاشـيـا إلى قـريـتـه . وقـبـل وفاتـه ،سـمـعـوهُ يـتـلـفـظ بـكـلـمـات الـغـفــران لـقـاتـلـيـه ، وانـكـبـت ريـتـا الـمـنـكـوبـة عـلـى جـثـمـانـه وقــالـت : " أغـفـر لـه يـا رب ، خـلـص نـفـســــه ، أغـفـر لـه كـمـا أغـفـر لـقـاتـلـيـه " . وكـان ذلـك ســــنـة 1404 ، وكـان عـمـر ريـتـا اذ ذاك 34 عـامـاً . وعـكـفـت عـلـى الإهـتـمــــام بـولـديـهـا ، وكـانـــت عـلـى عـلـم بـمـــا يـدور فـي خـاطـرهـمـا مـن عـواطـف الـثـأر لـوالـدهـمـا . فـأخـذت تـصـلـي وتـطـلـب مـن الـلـه أن يـمـنـع وقـــوع هــذه الـجـريـمـة . وحـاولـت تـهـدئـة الـولـديـن وحـمـلـهـمـا عـلـى الـغـفـــران لـقـاتـلـي والـدهـمـا . وإذ لــم تـجـد مـحـاولاتـهـا نـفـعـاً ، عـمـدت إلـى اســـلـوب بـطـولـي : الـتـمـســـــت مـن الـلـه أن يـأخـذهـمـــا قــبــل أن يـرتـكـبـا الـجـريـمـة الـتـي يـنـويـان اقـتـرافـهـا . واســتـجـاب الـلـه إلـى تـضـرع هـذه الـوالـدة الـقـديـســة ، فــتــوفــــي الــولـــدان ، الــــواحـــــد تــلــو الآخــــر ، خــــــلال ســـنـة 1405 !
وجـِدَت ريـتـا نـفـســــهـا أمـام فـراغ هـائـل . ولـكـنـهـا لـم تـيـأس . بـل ، امـتـثـالاً لـلـمـشـــورة الأنـجـيـلـيـة ، بـاعـت كـل مـا كـانـت تـمـلـكـه ووزعـت كـل شــــــيء عـلى الـفـقـراء والـمـحـتـاجـيـن وعـلـى الـمـشــــاريـع الـخـيـريـة ، وقـررت الـدخـول إلـى ديـر مـريـم الـمجـدلـيـة لـلـراهـبـات الأوغـسـطـيـنـيـات فـي مـنـطـقـة كـاشـيـا . إلا أن راهـبـات الـديـر رفـضـنـهـا . واعـادت ريـتـا الـكـرة مـرات عـديـدة ، ولـكـنـهـا لـم تـتـلـق ســـــوى الـرفـض الـقـاطـع ، لـكـونـهـا أرمـلـة وزوجـة قـتـيـل ! لـكـن الـلـه الـقـديـر دبـر لـهـا أمـر دخـولـهـا إلـى الـديـــر بـصـورة خـارقـــة ، إذ نـقـلـهـا إلـى الــديـــــر لـيـلاً ، ووجـدتـهـــا الـراهــبــــات صـبـاحـــاً فـي قـاعـة الـديـر بـطـريـقــــة مـدهـشـــة . فـلـم يـســـع الـراهـبـات إلا الـرضـوح لإرادة الـلـه ، وقـبـلـن ريـتـا فـي الـديـر ســـنـة 1406 .
لـقـد تـحـقـقـت امـنـيـة ريـتـا ، فـمـــا أســــعـدهـا ! وبـعـد ســـنـة الأبـتـداء ، أبـرزت نـذورهـا الـرهـبـانـيـة . وعـلـيـهـا مـن الآن ، أكـثـر مـن ذي قـبـل ، أن تـنـشــــر الـمـحـبـة حـولـهـا ، وأن تـكـون رســـولـة لـلـســـلام . والـكـرمـة الـمـوجـودة حـتـى الآن في فـنـاء الـديـر تـشـهـد لـطـاعـة ريـتـا الـتـي ، نـزولاً عـنـد أمـر رئـيـســتـهـا ، زرعـت غـصـن كـرمـة يـابـســـاً وســــــقـتـه طـوال ســـــنـة كـامـلـة ، وإذا بـالـغـصـن الـيـابـس يـلـيـن ، وتـنـبـت فـي أطـرافـــــه بـراعـم خـضـراء ، ويـصـبـح كـرمـــة بـاســــقـة الأغـصـان مـا تـزال حـتـى الـيـوم تـعـطـي الـديـر ظـلـهـا وعـنـاقـيـدهـا الـلـذيـذة .
وفـي جـمـعـة الآلام ســنـة 1432 ، تـأثـرت ريـتـا كـثـيـراً بـكـلـمـات الـراهـب الـخـطـيـب الـذي تـحـدث عــــن آلآم الـمـســـيـح . وفـي طـريـق الـعـودة مـن الـكـنـيـســـة الـخـورنـيـة ، أخـذت تـراجـــع حـيـاتـهـا فـي جـمـيـــع مـراحـلـهـا . وعـنـد وصـولـهـا الــديـــــر ، دخـلـت صومـعــتــهــــا وعـكـفـت عـلـى صـلاة مـضـطـرمـــة أمـام الـصـلـيـب ، وتـأمـل عـمـيـق وإنـخِـطـاف روحـي . وإذا بـهـا تـشـــعـر بـأن اكـلـيـل الـشـــوك الـذي كـلـل بـه رأس يـســـوع قـد وضـع عـلـى رأســـهـا ، فــأهـتـز لـهـه جـســـمـهـا ، وشـــحـب لـونـهـا وتـدلـى رأســـهـا عـلـى صـدرهـــا فـي شـــبـه غـيـبـوبـة ألـيـمـة . وأصـيـب جـبـيـنـهــا بـجـروح نـتـيـجـة إنـغـراس شـــوكــــة مـن الأكـلـيـل فـيـه . واســـتـمـر هـذا الـجـرح يـنـزف مـدة خـمـســـة عـشـــرة ســـنـة ، وكـان علامـــــة عـلـى اشـــتـراك ريـتـا فـي آلام الـفــادي اشـــتـراكـاً مـســـتـمـراً ، ولـم يـخـتـف مـؤقـتـاً إلا خـلال زيـارتـهـا لـرومـا .
وكــــان هـذا الـجـرح يـســـبـب لـهـا آلامــاً شـــديـدة وحـرجـاً كـبـيـراً أمـام أخـواتـهـا الـراهـبـات . ثـم جـــاء مـرض آخـر ســـنـة 1443 ، وأرغـمـهـا عـلـى مـلازمـــة الـفـراش فـي صـومـعـتـهـا طـوال أربـع أعـوام .
وفـي شـــهـر كـانـون الـثــانـي ســـنـة 1447 ، تـذكـرت ريـتـا قـريـتـهـا ومـنـزلـهـا وحـديـقـتـهـا ، وتـمـنـت أن يـؤتـي لـهـا بـوردة مـن تـلـك الـحـديـقـة مـــن ثـمـرتـي تـيـن ، وطـلـبـت ذلـك مـن الـمـرأة الـتـي تـرافـقـهـا . ويـا لـدهـشــة هـذه الـمـرأة حـيـنـمـا لاحـظـت صـبـاح الـيـوم الـتـالـي ان امـنـيـة ريـتـا تـحـقـقـت فـعـلاً ، فـحـمـلـت إلـيـهـا الـوردة والـتـيـنـتـيـن .
وفـي فـجـر 22 ايـار 1447 ، لـفـظـت ريـتـا أنـفـاســـهـا الأخـيـرة وهـي فـي الســـابـعـة و الـســـبـعـيـن مـــن ســنـهـا . ويـقـال أن نـواقـيـس الـديـر شـــرعـت تـقـرع بـشـــدة تـلـقـائـيـاً عـنـد وفـاتـهـا . وتـجـاوبـت مـعـهـا نـواقـيـس كـنـائـس كـاشـــيـا كـلـهـا. وبـعـد مـوتـهــا كـثـرت الأعـاجـيـب الـتـي جـرت بـشـفـاعـتـهـا ، وشـــعَ جـبـيـنـهـا جـمـالاً ، وفـاضَـت مـنـهـا رائـحـة زكـيـة . ودُفِـنَ جُـثـمـانـهـا فـي ديـرهـا . وســـرعـان مـا أصـبـح مـحـجـة تـقـصـدهـا جـمـوع غـفـيـرة مـن الـنـاس . وحـيـنـمـا بـوشـــــر بـدعـوى تـطـويـبـهـا ، وفــتــح قـبـرهـــــا ، عـــايـن الـحـاضـرون أن جـثـمـانـهـا قـد بـقـى سـالـمـاً – وهـو مـايـزال هـكـذا حـتى الآن . ومـرت سـنـوات طـويـلـة عـلـى وفـاة ريـتـا ، وفـي ســـنـة 1628 ، أعـلـنـت ريـتـا طـوبـاويـة ، وفـي ســـنـة 1900 ، أعـلـنـهـا الـبـابـا لاون الـثـالـث عـشـــر قـديـســـة .
هـكـذا أعـطـت الـقـديـســـة ريـتـا مـثـالاً رائـعــاً لـكـل راهـبـة ، ولـكـل شــابـة وأمـرأة مـسـيـحـيـة بـسـخـائـهـا وإيـمـانـهـا وتـقـواهـا ... وهـي الـيـوم تـدعـوا الـجـمـيــع الـى الأقـتـداء بـهـا كـمـا اقـتـدت هـي بـالـمـســـيـح . فـعـســانـا نـتـعـلـم مـنـهـا أن درب الـقـداســـة ، يـمـر مـن خـلال الـحـقـائـق الـيـومـيـة ، ومـن خـلال خـدمـــة اخـوتـنـا الـبـشـــر
الأربعاء يناير 10, 2024 7:59 pm من طرف odisho youkhanna
» ترنيمة رائعة للقديسة مريم شفيعتنا
الأربعاء يناير 10, 2024 7:57 pm من طرف odisho youkhanna
» من هم القديسان بطرس وبولس ..
الإثنين نوفمبر 06, 2023 10:40 am من طرف odisho youkhanna
» سر الاعتراف
الخميس فبراير 16, 2023 6:37 am من طرف odisho youkhanna
» اسفار ابوكريـفــــــــــــــــــا ..؟؟؟؟ وموقف الكنائس منها .... ؟؟؟
الجمعة يناير 27, 2023 6:38 am من طرف odisho youkhanna
» كيف تتخلص من ألغيرة وألشك ...!!!
السبت سبتمبر 10, 2022 8:56 am من طرف odisho youkhanna
» عيد التجلي على جبل الطابور
الجمعة سبتمبر 09, 2022 9:03 am من طرف odisho youkhanna
» إن كان الله معنا فمن علينا .....!!!
الجمعة أغسطس 14, 2020 5:08 pm من طرف odisho youkhanna
» اليوم حين رأيت حبات الخردل .... اعتراني الخجل ...!
الجمعة يوليو 31, 2020 5:56 am من طرف odisho youkhanna
» ألقلب ألمجروح ...!!!
الأربعاء يوليو 25, 2018 6:58 pm من طرف odisho youkhanna
» كيف تتخلص من القلق النفسي ...!!! القلق يعرف القلق على أنه الحالة النفسية التي تصيب الإنسان، نتيجة لتجمع مجموعة من العناصر الإدراكية والجسدية والسلوكية، وتؤدي إلى شعور هذا الإنسان بحالة من عدم الراحة النفسية وسيطرة الخوف والتوتر والتردد عليه، ولا يمكن للإ
الخميس يونيو 14, 2018 2:38 pm من طرف odisho youkhanna
» كيف تكتسب الثقة بالنفس ؟
الثلاثاء يونيو 05, 2018 6:01 pm من طرف odisho youkhanna
» ما هو سر عيد الفصح المقدس ورتبة غسل أرجل التلاميذ
الخميس أبريل 13, 2017 12:01 pm من طرف odisho youkhanna
» (أحد الشعانين)
الجمعة أبريل 07, 2017 3:19 pm من طرف odisho youkhanna
» سر قوة ألصــلاة
الجمعة مارس 31, 2017 2:22 pm من طرف odisho youkhanna
» يأتونكم في ثياب الحملان، وهم ذئاب خاطفة" (متى 7: 15).
الإثنين مارس 13, 2017 2:03 pm من طرف odisho youkhanna
» {شهادة ألسيد المسيح للأسفار المقدسة} ألجزء ألثاني
السبت مارس 11, 2017 7:18 pm من طرف odisho youkhanna
» يأتونكم في ثياب الحملان، وهم ذئاب خاطفة"
السبت مارس 11, 2017 5:13 pm من طرف odisho youkhanna
» على اي اساس حددتوا موعد الصيام وهل المسيح حدد لنا مواعيد الصيام
الأربعاء مارس 01, 2017 7:21 am من طرف odisho youkhanna
» ماهو قانون القديس أندراوس الكريتي؟؟؟؟
الأربعاء مارس 01, 2017 5:55 am من طرف odisho youkhanna
» طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار،
الثلاثاء فبراير 21, 2017 6:32 pm من طرف odisho youkhanna
» في عيد الحب ... يسوع هو الحب.
الثلاثاء فبراير 14, 2017 6:39 am من طرف odisho youkhanna
» الى ماذا ترمز اشارة السمكة في المسيحية
الثلاثاء يناير 17, 2017 7:09 am من طرف odisho youkhanna
» الحكمة من الانوار
الجمعة يناير 13, 2017 5:39 pm من طرف odisho youkhanna
» كل عام وانتم بخير 2017
الأحد يناير 01, 2017 6:32 am من طرف odisho youkhanna
» تهنئة الى ادارة الموقع والمشاركين
الأحد ديسمبر 25, 2016 5:33 pm من طرف odisho youkhanna
» المجوس والرعاة ما قصتهم
الأربعاء ديسمبر 21, 2016 1:36 pm من طرف odisho youkhanna
» استشهاد القديس يعقوب الفارسي المقطع.
الثلاثاء ديسمبر 06, 2016 8:04 am من طرف odisho youkhanna
» +لماذا نأكل القمح المسلوق في عيد البربارة ؟؟؟؟
السبت ديسمبر 03, 2016 2:39 pm من طرف odisho youkhanna
» تـذكـار تـكـريـس كـنـيـسـة الـشـهـيـد الــعــظــيـم مـــار جـــرجـــس بــالــلــد
الأربعاء نوفمبر 16, 2016 6:29 am من طرف odisho youkhanna